روائع مختارة | روضة الدعاة | السيرة النبوية | وسائل نبوية.. في التعليم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > السيرة النبوية > وسائل نبوية.. في التعليم


  وسائل نبوية.. في التعليم
     عدد مرات المشاهدة: 2949        عدد مرات الإرسال: 0

من مقومات التمكين في الأرض العلم، والشيء الوحيد الذي أمر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يطلب منه الزيادة هو العلم، قال الله تعالى:  {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (ط ـ  ه:  من الآية 114).

ومن ثم استمر النبي - صلى الله عليه وسلم ـ  في العهد المكي والمدني يربي أصحابه ويعلمهم، ويحثهم على مكارم الأخلاق، ويوضح لهم دقائق الشريعة وأحكامها بأساليب علمية تربوية. . ومن هذه الوسائل: 

تكرار الحديث والتأني فيه: 

فذلك أسهل في حفظه وأعون على فهمه، وأدعى لاستيعابه ووعي معانيه، ولذلك حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على تكرار الحديث في غالب أحيانه، فعن أنس بن مالك ـ  رضي الله عنه ـ  أن النبي ـ  صلى الله عليه وسلم ـ :  (كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا، حتى تفهم عنه) (البخاري) . .

وكان - صلى الله عليه وسلم - يتأنَّى ولا يستعجل في كلامه، بل يفصل بين كلمة وأخرى، حتى يسهل الحفظ، ولا يقع التحريف والتغيير عند النقل، وكان يسهل على السامع أن يعد كلماته. . فعن عائشة ـ  رضي الله عنها ـ  قالت:  (.. إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسرد الحديث كسردكم) (البخاري).

عدم الإكثار والإملال: 

كان - صلى الله عليه وسلم - يقتصد في مقدار تعليمه وزمانه، حتى لا يمل الصحابة، وينشطوا لحفظه، ويسهل عليهم عقله وفهمه، فعن ابن مسعود ـ  رضي الله عنه ـ  قال:  (كان النبي - صلى الله عليه وسلم ـ  يتخولنا (يتعهدنا) بالموعظة في الأيام، كراهة السآمة (الملل) علينا) (البخاري).

ضرب الأمثال: 

للمثل أثر بالغ في إيصال المعنى إلى العقل والقلب، ذلك أنه يقدم الأمر المعنوي في صورة حِسية فيربطه بالواقع، ويقربه إلى الذهن، فضلا عن أن للمثل بمختلف صوره بلاغة تأخذ بمجامع القلوب، وتستهوي العقول، ولذلك استكثر القرآن الكريم من ضرب الأمثال، وذكر حكمة ذلك في آيات كثيرة، فقال الله تعالى:  {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (العنكبوت: 43) . .

وعلى هذا المنهج الكريم سار النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فاستكثر من ضرب الأمثال، حتى قال عمرو بن العاص ـ  رضي الله عنه ـ :  " عقلت عن رسول الله ـ  صلى الله عليه و سلم ـ  ألف مثل ". . وقد أُلِفت كتب متعددة في الأمثال في الحديث النبوي. .

ومن هذه الأحاديث قوله ـ  صلى الله عليه و سلم ـ :  (مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحْذيك (يعطيك) ، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة) (البخاري) .

التعليم من خلال طرح السؤال: 

طرح السؤال من الوسائل التعليمية والتربوية المهمة في ربط التواصل القوي بين المُعَلِّم والمعلَّم، والمُرَبِّي والمُرَبَّى، ولذلك استخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - السؤال في صور متعددة لتعليم الصحابة، مما كان له كبير الأثر في حسن فهمهم وتمام حفظهم، وتفاعلهم عمليا مع المعاني التربوية المقصودة. .

فأحيانا يوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - السؤال لتشويق المستمع ولفت انتباهه للمعنى المراد، فعن أبي هريرة ـ  رضي الله عنه ـ  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال:  (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ ، قالوا:  بلى يا رسول الله، قال:  إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط) (مسلم) .

وأحيانا يسألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يعلم أنهم لا عِلْم لهم به، ويقصد إثارة انتباههم للموضوع، ولفت أنظارهم إليه، فعن أبي هريرة ـ  رضي الله عنه ـ  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ  قال:  (أتدرون من المفلس؟ ، قالوا:  المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.

فقال:  إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعْطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثم طرح في النار) (مسلم).

وأحيانا يسأل فيُحْسِن أحَدُ الصحابة الإجابة، فيثني عليه ويمدحه، تشجيعا له وتحفيزا لغيره، كما فعل مع أبي بن كعب ـ  رضي الله عنه ـ  حين سأله - صلى الله عليه وسلم -:  (يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟

قال:  قلت:  الله ورسوله أعلم، قال:  يا أبا المنذر، أتدري أي آية في كتاب الله معك أعظم؟ ، قال:  قلت:  {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (البقرة:  من الآية 255) ، قال:  فضرب في صدري وقال:  لِيَهْنِكَ العلم (هنيئا) أبا المنذر) (مسلم) .

فهذا الاستحسان والتشجيع من المعلم يبعث المتعلم على الشعور بالارتياح والثقة بالنفس، ويدعوه هو وغيره إلى طلب وحفظ المزيد من العلم وتحصيله.

إلقاء المعاني المثيرة للاهتمام والاستفسار: 

عن جابر بن عبد الله ـ  رضي الله عنهما ـ  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بالسوق، داخلا من بعض العالية، والناس كَنَفَتَهُ (عن جانبيه) ، فمر بجدي أسك (مقطوع الأذنين) ميت، فتناوله، فأخذ بأذنه، ثم قال:  (أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ .

فقالوا:  ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به؟ ، قال:  أتحبون أنه لكم؟ ، قالوا:  والله لو كان حيا كان عيبا فيه لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟ ، فقال ـ  صلى الله عليه وسلم ـ :  فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم) (مسلم).

وكان - صلى الله عليه وسلم ـ  يستخدم بعض الوسائل العملية خلال تعليمه للصحابة، لتقرير وتأكيد المعنى في نفوسهم وعقولهم، مما يساعد على تمام وعيه وحسن حفظه، وهو ما يسمى اليوم بالوسائل التوضيحية. . ومن هذه الوسائل:  التعبير بحركة اليد وبالرسم، ورفع وإظهار الشيء، والتعليم العملي للشيء بفعله أمام الناس..

التعبير بحركة اليد والرسم: 

مثل تشبيكه - صلى الله عليه وسلم - بين أصابعه وهو يبين طبيعة العلاقة بين المؤمن وأخيه، فعن أبي موسى الأشعري ـ  رضي الله عنه ـ  عن النبي ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  قال:  (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ـ  وشبك بين أصابعه ـ  ) (البخاري) .

أما التعبير بالرسم، فقد خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأرض خطوطا توضيحية ليلفت نظر وتركيز الصحابة، ثم أخذ في شرح مفردات تلك الخطوط، وبيان المقصود منها، فعن عبد الله بن مسعود ـ  رضي الله عنه ـ  قال:  (خَطَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا بيده، ثم قال:  هذا سبيل الله مستقيما، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله.

ثم قال:  وهذه السبل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ:  {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام:  153) ) (ابن حبان) .

التعبير برفع وإظهار المُتَحَدَّث عنه: 

كما فعل - صلى الله عليه وسلم - عند الحديث عن حكم لبس الحرير والذهب، فعن علي بن أبي طالب ـ  رضي الله عنه ـ  قال:  (إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبا فجلعه في شماله.

ثم قال:  إن هذين حرام على ذكور أمتي) (أبو داود) ، فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين القول وبين رفع الذهب والحرير وإظهارهما، حتى يجمع لها السماع والمشاهدة، فيكون ذلك أوضح وأعون على الحفظ.

التعليم العملي بفعل الشيء أمام الناس: 

وصف سهل الساعدي ـ  رضي الله عنه ـ  رسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  في أول جلوس له على المنبر فقال:  (. . فجلس عليه أول يوم وضع فكبر هو عليه، ثم ركع، ثم نزل القهقري (الخلف) فسجد وسجد الناس معه، ثم عاد حتى فرغ، فلما انصرف قال:  يا أيها الناس إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي) (أحمد). .

هذه بعض وسائل نبوية في تعليمه ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  للأمة دينها، وما يستقيم به أمرها في الدنيا والآخرة، وقد ترك لنا رسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  ثروة هائلة ومنهجا عظيما من وسائل التربية والتعليم، التي تعين على سهولة الحفظ وحسن التعلم وسمو التربية، ولنا في رسول الله ـ  صلى الله عليه وسلم ـ  أسوة وقدوة حسنة كما قال الله تعالى:  {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب: 21) .
 
المصدر: موقع إسلام ويب